السينما كما عرفتها وعرفتني

 

السينما كما عرفتها وعرفتني

للمخرج السينمائي بسام الذوادي

أولاً: السينما كما عرفتها:

ولدت في البحرين في 13 ديسمبر 1960، وسميت بسام، والدي محمد بن علي إبراهيم الذوادي ووالدتي لطيفة بنت أحمد بن موسى العثمان، جدي لوالدي هو علي بن إبراهيم بن خليل الذوادي وجدتي لوالدي هي حصة بنت عيسى السليطي، أما جدي لوالدتي فهو أحمد بن موسى العثمان وجدتي لوالدتي فهي سارة بنت محمد بن عبدالله الزويد

والدي كان يعمل مسؤول في المعرض التابع لمؤسسة عبدالله علي الخاجة في الخبر المملكة العربية السعودية منذ عام 1954 لذلك عشت ودرست في المملكة العربية السعودية حتى عام 1969، وهناك بدأت مرحلة حبي للصورة من خلال مجلات الرسوم التي أهداني أياها الوالد رحمه الله منذ عام 1964 مثل سوبرمان حيث ظهر العدد الأول باللغة العربية في 6 فبراير 1964  علما بأن العدد الأول الأمريكي صدر في شهر يونيو 1938 ،

وبدأت تعلم التصويرالفوتوغرافي من خلال الوالد أيضا حيث أنه كان محب للتصوير الفوتوغرافي ،

حتى أتى اليوم قبل أن أعود للبحرين وأخذتني الوالدة لبيت القصيبي في السعودية وكانوا كلهم نساء وتفاجأت بعرضهم لفيلم مصري بعنوان شباب مجنون جدا  المنتج عام 1967 على شاشة بالنسبة لي كانت جدا كبيرة وابهرتني، وكنت اريد هذا الجهاز الذي يعرض الأفلام وقتها وهو آلة عرض 16 ملم، وتجمعت لدي أعداد كبيرة من المجلات المصورة  منذ وقتها والتي بعتها عام 1976 على الأستاذ أحمد الماحوزي مدير مكتبة الماحوزي وقتها بمبلغ 6 دنانير وهذا الذي دفعني لشراء آلة عرض سينمائية 8 ملم  مع فيلمين رسوم متحركة بمبلغ 6 دنانير ونصف من محل العاب بالقرب من محل الوالد متجر المحيط في شارع باب البحرين.

واشتريت أول كاميرا سينمائية سوبر 8 عام 1975  عندما كنت أعمل في الصيف بوزارة الداخلية قسم العلاقات العامة كمراسل،

وأخرجت مجموعة من الأفلام القصيرة، وتصوير أول فيلم بعنوان الوفاء عام 1975  مع موظفي مطعم اللؤلؤة الواقع في عمارة جيشنمال في المنامة مقابل المحكمة القديمة،

ومثلت وصورت ومنتجت الفيلم بمساعدة الأستاذ خليفة شاهين مدير مؤسسة الصقر للتصوير  حيث ساعدني على مونتاج الفيلم من خلال موظفيه المحترفين وقتها، وأنا لا أعرف معنى كلمة مونتاج ولا حتى المفردات السينمائية وتعلمتها منه وقتها،

وبعد مشاهدتي لأفلام علي عباس  ومجيد شمس وداراب نيروز وعبدالله الحمد بالصدفة لا أذاكر أين هل كان نادي العروبة أو النسور؟،

تشجعت وعملت أفلام الأخوين والأعمى والأجيال ،

وفرحت عندما رأيت إعلان عن أول فيلم سينمائي بحريني في مجلة صدى الأسبوع بتاريخ 14 سبتمبر 1976  بعنوان الأحدب للمخرج إبراهيم جناحي ولكن للأسف لم يتم بسبب وفاة أخ المخرج أستاذي في المدرسة عبدالعزيز جناحي وبقى ما تصور حبيس العلب إلى اليوم.

وبعد الثانوية عملت في برادات يونيفرسال في القضيبية التي يملكها الأستاذ محمد المناعي لأجمع قيمة التذكرة للذهاب إلى القاهرة وأجتاز أمتحان القبول حيث أن وزارة الإعلام وقتها ومتمثلة في الأستاذ أحمد الزياني،  طلبت مني أن أُقبل في معهد السينما اولا حتى أستحق المنحة الدراسية من قبلها، فتوجهت للقاهرة وحصلت على القبول وبدأت دراسة السينما حتى عام 1983 وحققت فيلمين وقتها الأول القناع عن معاهدة كامب ديفيد  والثاني ملائكة الأرض عن مذابح صبرا وشاتيلا ،

بداية العمل الإعلامي كان عام 1985 أي بعد سنتين من تخرجي من الجامعة في وزارة الإعلام بتلفزيون البحرين، وأستمر العمل في هذه الوزارة الموقرة حتى عام 2015،

وخلال وجودي في القاهرة كنت أخرج الحفلات السنوية للطلبة وأدرب اللوحات التعبيرية ، وكذلك معظم الحفلات السنوية لنادي مدينة عيسى

وفي عام 1981 أشتركت كممثل في مسرحية عطيل يعود لكزندازاكي للمخرج عبدالله ملك  وبعدها مثلت عام 1985 مسرحيتين في دور البطولة نوعا ما من إخراج الفنان عبدالله ملك وهما مسرحية المولف لعلي سالم  ومسرحية يود عليه لحسن عون ، مثلت في معظم الأفلام السينمائية التي أخرجتها وقتها وفي بعض المسلسلات الدرامية خلال الثمانينات مثل شعراء العرب

وخلال بداية السبعينات تعلمت الرسم على يد الأستاذ أحمد نشابه وبدأت أرسم لوحات خاصة عام 1975 لكي أستطيع أن أرسم القصص التي أفكر بها أو أنقلها من التلفزيون وأستمر الرسم معي حتى عام 1995  وهذا بصراحة دفعني لأن أعرف ثقافة الفن التشكيلي فتعرفت على رامبرانت وبيكاسو وسلفادور دالي وفان جوخ

طوال فترة السبعينات أعجبت بشعراء البحرين منهم الشاعر إبراهيم العريض والشاعر المعاودة والشاعر قاسم حداد والشاعر علي الشرقاوي والشاعر علي عبدالله خليفة والشاعر عبدالرحمن رفيع، وبدأت أكتب الخواطرمتأثرا بهم عام 1979 وبصراحة كان تأثير الشاعر قاسم حداد أكبر من الأخرين، حيث أكتشفت دون وعي قوة الصورة في الكلمة التي يكتبها وكيف يلصقها بكلمة أخرى مناسبة كما أنا الصق الصور لتعطي معنى، حتى حققت كتاب الرنين عام 1982 ، وقبله في عام 1981 حققت أول معرض تصوير فوتوغرافي لي في القاهرة بمساعدة الطلبة هناك وقتها .

وخلال دراستي في المعهد مثلت في مشاريع التخرج لطلبة المعهد مثل فيلم المخرج العماني خميس مسافر وفيلم صورة ضياع للمخرج العماني منصور عبدالرسول  وفيلم العرب للمخرج الأردني ناصر نجيب ، وأذكر هنا أن أمين صالح عندما شاهد الأفلام قال: طلبتك أرجوك لا تمثل فشكلك غير مناسب، ضحكت وأستمريت في التمثيل ليس لأن أصبح ممثل ولا الرسم لأن أصبح فنانا تشكيليا ولا الشعر لكي أصبح أديب ولا الرقص التعبيري لكي أصبح راقص ولا الموسيقى لكي أصبح موسيقي وإنما عملت كل هذا وجربته لكي أصبح مخرجا سينمائيا

وبصراحة هذا فهمته متأخر خلال بداية الثمانينات، حيث أكتشفت في القاهرة بأن السينما يطلق عليها الفن السابع من خلال معجم الفن السينمائي لمجدي وهبه  وهم الموسيقى العمارة النحت الرقص الشعر الرسم، وأعتقدت بأنك أذا أردت أن تعرف السينما يجب أن تعرف هذه الفنون الستة قبل وأن أجربها، فأخذت أقراء الشعر الحر لمي زيادة ونزار وقاسم حداد وعلي الشرقاوي وقتها وقراءة القصص القصيرة لأمين صالح ومحمد عبدالملك وأخرون وبحكم قرب محل الوالد من مكتبة الماحوزي والمكتبة الوطنية في شارع باب البحرين كنت أقراء قصص فاروق أو إبراهيم عبيد وأستمع إلى الدكتور علوي الهاشمي والأستاذ علي العريض عندما كانوا يزورون ويجتمعون عند الوالد في تلك الفترة عن الثقافة واحدث الكتب،

مما دفعني لأن أشتري أول كتاب بفلوسي الخاصة وهو أصل الأنواع لتشارلز دارون من مكتبة الماحوزي ،

وأستمع لموسيقى موزارت وبيتهوفن وباخ وأحللها وأتلذذ في الأغاني السياسية للشيخ أمام وأحمد قعبور وغيرهم، وتحليلها بحكم دراستنا للموسيقى وقرأة النوته من ضمن دراسة الإخراج والإنتاج،

وكتبت الكلمات لأفتتاحيات طلبة القاهرة ومدينة عيسى وبحرنت شعر بابلو نبرودا ولحنته لأوبريت أحنا المساكين -99-، والسيناريوهات السينمائية القصيرة لبعض الطلبة،

وبدأت تعلم الرقص التعبيري وتدريبه للطلبة وأنتقل ذلك إلى مسرحيات الأطفال والكبار ،

وحاولت في العمارة أن أصمم الديكورات واليافطات وقتها،

كل هذا من أجل أن أفهم السينما وأدواتها وأكون قريبا من الأدوات التي ستكون في يدي لتحقيق فيلم سينمائي، وأعتقدت أني لممت بكل الثقافة وقتها حتى قابلت الشاعر قاسم حداد وأعطيته كتاب الشعر الذي الفته، قال لي بأنك مشروع شاعر ولديك الكثير لتتعلم حتى تكتب الشعر، فقلت له أنا لست بشاعر هذه محاولة فقط لأفهم الكلمات والمعاني، فنصحني بقراة الإلياذة والأودسه لهوميروس ، وهنا كبر البحر علي، وغصت في هذه الملحمة وفهمت الكثير عن الحياة والأدب وبدأت وقتها في قراءة الأدب اليوناني القديم لمسرحيات سوفوكليس وأسخيليوس ونجيب محفوظ ويوسف السباعي ويوسف أدريس وفرج فوده وشعر أحمد فؤاد نجم وفاروق جويدة

ثم توجهت للنقد السينمائي وقرأت لسمير فريد وسامي السلاموني وكل هذا لم يكن كافيا، فقد لفت نظري الفنان محمود مرسي وهو أستاذي في مادة الإخراج والدكتور حسين عبدالقادر دكتور علم النفس لقراءة سيجموند فرويد لفهم الشخصيات وبدأت مع كتب الدكتور مصطفى زيور وكتب سيجموند فرويد التي أعشق تركيب الكلمات بها ووصف الحالات النفسية وتحليلها وطريقة التداعي الطليق التي أبتكرها لمرضاه وطبقتها على كل الشخصيات الخيالية التي كنت أتخيلها وأنا أحاول أن أكتب الشخصيات في كل سيناريو يعهد لي كتدريب في معهد السينما، كنت أستجوب هذه الشخصيات وأحللها.

وقتها عرفت بأن فهم ومعرفة ماهيه السينما ليست سهلة والأفلام التي كنت أتابعها لفليني وأنطنيوني وبازوليني وروبيرتو روسيليني ودي سيكا وفسكونتي وبانويل وتاركوفسكي وبيلي وايدر وفرنكنهايمر وديفيد لين وكيروساوا وبرجمان، لم تكن بتلك السهولة التي شاهدتها فيها أول مرة، فالمشاهدة بعد الثقافة والمعرفة حتى لو كانت بسيطة تصبح صعبة بالنسبة لي وفي نفس الوقت أجمل، كأنها لغة تتفجر مثلما قال أمين صالح وتعطى معاني مختلفة أكبر وأعمق من التي عرفتها في المشاهدة الأولى.

وعندما عدت من مصر وعملت في تلفزيون البحرين عام 1985 بدأت في إخراج البرامج التلفزيونية والتي في جميعها أضع المصطلحات السينمائية لألفت نظر المشاهد إليها والتي كانت محاولة لتثقيف المشاهد سينمائيا.

بداية العمل الإعلامي كان عام 1985 أي بعد سنتين من تخرجي من الجامعة في وزارة الإعلام بتلفزيون البحرين، وأستمر العمل في هذه الوزارة الموقرة حتى عام 2015، فأخرجت برنامج كلاكيت وف 8 وسينما الفيديو وزووم والوان تربية وتعليم وبث غير مباشر ومن المسلسلات العين وحسن ونور السنا وفتاة أخرى والهارب.

حتى عام 1988 عندما قدم لي راشد الجودر  سيناريو ثلاثية العين وكانت هذه الإنطلاقة التي أدين بالكثير منها للأخ والأستاذ راشد الجودر فقد كانت فعلا تجربة أستطعت من خلالها أن أوظف الكثير من مفاهيم السينما منها أولا قراءة النص وفهمه وإضافة الرؤية الخاصة بالمخرج ثم إدارة الممثل والمصورين والمنتجين والإضاءة والمونتاج والصوت والموسيقى. وهذه التجربة دفعتني لأن أفكر في عمل فيلم سينمائي، وكان أول الذين وقفوا معي الأديب والكاتب إبراهيم بشمي عندما قدم لي سيناريو أمين صالح سهرة عند رأس ميت في عام 1985  وحاولت مع الأستاذ طارق المؤيد وقتها والأستاذ خليل الذوادي مدير التلفزيون وقتها أن ننتج هذا الفيلم السينمائي ، ولكن لم أجد رد منهم.

ولقرب سكني وقتها من أسرة الأدباء والكتاب في العدلية كنت أذهب إلى ندواتها وزادت وقتها علاقتي بالشاعر قاسم حداد والشاعر علي الشرقاوي والكاتب أمين صالح وكنا نتشارك أحلام السينما ونشاهد نفس الأفلام ونحللها والصراحة تعلمت فهم وتفسير الأفلام واللقطات وحركة الكاميرا من هؤلاء المثقفين وأرتبطت بهم أكثر وشعرت بأنهم يحملون نفس الهم السينمائي أن لم يكن أكبر، وخلال إحدى جلساتنا في بيتي المتواضع بالقرب من الأسرة عام 1988، قدم لي أمين صالح سيناريو فيلم تلفزيوني عن رواية للكاتب الأمريكي جون كيفوفر بعنوان الدمية، والتي لاحقا تم تغيير العنوان إلى يونس والأخرون، وكان هذا أول فيلم تلفزيوني بالنسبة لي، وفرحت بالنص وطريقة شرح أمين وقاسم للشخصيات، شعرت بأني وسط العالم السينمائي وأنا أعيش هذا الشرح البسيط لمعاني عميقة داخل الشخصية الأساسية التي قام بها الفنان عبدالله ملك

–  وعلى فكرة الفنان عبدالله ملك هو الذي قدمني في كل المسرحيات التي مثلت فيها وذكرتها سابقا، فهو من علمني التمثيل والأداء الدرامي بشكل أكاديمي بصراحة فالفضل له في فهمي للممثل والأداء الدرامي –

ومن هذا النص أنطلقت لتحقيق فيلم تلفزيوني بسيط لا تزيد مدته عن ساعة وعشر دقائق، وأستمر دعم وثقة قاسم حداد وأمين صالح وعلي الشرقاوي بي حتى قدم لي أمين صالح نص فيلم الحاجز في بداية عام 1989  الذي قمت بإنتاجة حتى لا أضيع الوقت وأكرر تجربة أبراهيم بشمي في سهرة عند رأس ميت، وبدأت أختيار الممثلين بمساعدة أمين صالح وعلي الشرقاوي لأول فيلم سينمائي روائي بحريني في شهر أبريل عام 1989 وبدأنا البروفات على الأداء وأخترت طاقم العمل من التلفزيون والتي لم تدخر الدكتورة هالة العمران وقتها أي جهد لمساعدتي معنويا وعمليا لإنجاز هذا الفيلم الذ بدأ التصوير فيه في شهر سبتمبر عام 1989 وأستمر حتى شهر ديسمبر من نفس العام، وبصراحة لم أرى نفسي منتجا لهذا الفيلم وأنما أرى كل العاملين فيه هم المنتجون فقد وقفوا معي في كل خطوة دون أي مقابل حتى نحقق هذا الحلم البعيد كان وقتها للبحرين.

هذا ما عانيته لأعرف ماهية السينما وجديتها في التعامل مع القضايا بشكل عام وتأثرها على المجتمع وكيف أستطيع أن أسبر أغوارها التي لا تنتهي ولن تنتهي طالما أن أعمل في هذا المجال.

ثانياً: السينما كما عرفتني:

بعد أتمام فيلم الحاجز وعرضه على الجمهور بدأت الصورة تتضح أمامي لصناعة سينما وبدأت أرى أستحالة خلق صناعة سينمائية في البحرين أو حتى في الخليج دون وجود المملكة العربية السعودية وذلك لعدة أسباب:

أولاً: أثار أنتباهي مقال للكاتب أمين صالح بعنوان من هو أو ما هو الجمهور السينمائي في مجلة المنتدى عدد مايو 1991، وكانت تتكلم عن حرية الجمهور في أختيار أفلامه وهذا لا ينطبق على الجمهور العربي، وهنا عرفت بأن الكثافة السكانية التي تكلمت عنها خلال لقاء صحفي عام 1992 لا أذكر أن كان هذا اللقاء مع الصحفي محمد فاضل أو مع الكاتب فريد رمضان، فهمت وقتها بأن صناعة الفيلم لكي تستمر تحتاج لكثافة سكانية ودور عرض كثيرة حتى يتسنى للجمهور الأختيار، ووقتها  لم يكن هناك سوا سينما أوال التي عرض بها الفيلم وسينما الحمرا وسينما سترة والعوالي والنصر والزبارة، وهذا لم يكن كافيا، واذكر في اللقاء بأني حسبتها وقلت لو صرفت على الفيلم 50 الف دولار وسعر التذكرة وقتها دينار ودينار ونصف سأحتاج إلى 40 الف شخص ليشاهدوا الفيلم حتى أغطي مصاريفي دون ربح، حيث أن شركة السينما التي تعرض الفيلم تأخذ 50% من المدخول، وما حققه فيلم الحاجز كان 13000 مشاهد بحريني وهي أعلى نسبة حتى عن نسبة فيلم حكاية بحرينية.

وهنا يذكرني كلام المخرج الإيراني عباس كيروستامي عندما كنت أتحدث معه في نفس النقطة خلال مهرجان الخليج السينمائي الأخير في دبي، وبعد ما أستمع إلي سألني سؤال وقال: كم تعتقد كلفني فيلم تن (10)؟ قلت له بشكل سؤال بين ال80 وال100 الف دولار؟ ضحك ونظر إلي وقال: لا…. كلفني 10000 دولار، والفيلم أرجع فلوسه وفوائده وحقق جوائز حول العالم وعرض جماهيريا حول العالم، دائما ركز في الميزانية في بلد مثل بلدك، لا تصرف على الفيلم أكثر مما يستحق وسيكون له مردود حتى لو كان الجمهور قليل والسينمات قليلة، أرجوك دائما ركز على الميزانية وستنجح، نظرت إليه ورأيت مدى الصدق والتجربة في عينية.

ثانيا: البنية التحتية لصناعة أي فيلم، فأنا أحتاج كتاب سيناريو متمرسين ومدراء تصوير ومونتاج وإضاءة وصوت والأهم منتجين وممولين، كل هذا من الصعب أن يوجد مقارنة بالكثافة السكانية، فالممول يريد أن يربح والفيلم البحريني وليد جديد يحتاج إلى وقت حتى يثق فيه الجمهور في البحرين أولا ثم يوزع في الخارج، وهذه إشكالية كادت تصيبني بالإحباط وقتها، وأعتقد بأن سوق المملكة العربية السعودية سيكون الحل لكل ما مررنا به خلال الثلاثين سنة من أجل خلق سينما بحرينية.

ثالثا: الأجهزة السينمائية وقتها لم تكن متوفرة في البحرين ويجب أن أطلبها من الخارج اذا اردت أن اواكب التطور في السينما في الخارج.

وكان الحل الأمثل هو أننا يجب أن نركز على المهرجانات السينمائية ونشارك بقدر المستطاع في المهرجانت العربية على الأقل، وتم ذلك بمساعدة هيئة الإذاعة والتلفزيون ووزارة الخارجية البحرينية ودعم الأصدقاء قاسم حداد وأمين صالح وعلي الشرقاوي، وتمت مشاركة الفيلم في كل المهرجانات العربية والعربية الأوروبية، واول الدول التي وقفت معي ودعمت السينما في البحرين كانت اليابان حيث تم شراء نسخة من الفيلم وتم الأحتفاظ بها إلى اليوم في Japan Foundation وتمت دعوتي إلى طوكيو عام 1992 للتعرف على الجمهور الياباني وعرض فيلمي عليهم ومناقشتهم ، وكانت للحق تجربة ثرية لي وللبحرين، بعدها طلب مني معهد العالم العربي في باريس بأن أودع نسخة أصلية من الفيلم في السينما تك الفرنسي وتم ذلك ووصلتني رسالة من المخرج كوستا جافراس مدير السينما تك يشكرني على ثقتي في السينما تك الفرنسي، من هنا بدأت المهرجانات الأوروبية في دعوة الفيلم وبدأت السينما في العالم تلتفت للبحرين، وشاركت في العديد منذ ذلك الوقت في لجان التحكيم وتقديم الدراسات عن السينما في الخليج.

لكن بعد أن عرفتني المهرجانات السينمائية في العالم أو كما أقول لزوجتي عرفتني السينما أخيرا، من خلال بعض الدراسات عني وعن أفلامي وعن نشاطي السينمائي في جامعة كمبردج في بريطانيا وجامعات البحرين، هنا شعرت بأن المسئولية قد كبرت وأصبحت ليست فقط عمل أفلام سينمائية أو دخل مادي، أعتقد بأن السينما هي ذاكرة الشعوب وثقافتهم، هي الحلم لكل شخص، هي الإبتعاد عن الواقع والغوص في الواقع في نفس الوقت، وحث الشباب على الدخول في هذا المجال وخلق أفلام سينمائية روائية للبحرين، وقد حاول حمد الشهابي بفيلمه بيت الجن عام 1994 أنتاج أول فيلم رعب بحريني، وعام 2006 قدم أول فيلم للأطفال بعنوان حباب وكلاب الساحر. وكان حمد الشهابي قبل هذا قد تعاون معي في أبريت النخلة عام 1983 والفيلم التلفزيوني عيون تحت الجمجمة عام 1991 ومسلسل فتاة أخى عام 1992 ومسلسل حسن ونور السنا عام 1994.

تحية تقدير:

وبصراحة كل من عملت معهم ساهموا بشكل كبير في تطوري وإلى اليوم فأنا أتعلم من كل فرد مهما كان بسيط، ولكني أدين للفضل في معظم ما أنجزت إلى أولا جلالة الملك  حمد بن عيسى آل خليفة على تشجيعي لأستمر في العمل السينمائي ودعمي وإلى المرحوم طارق عبدالرحمن المؤيد وزير الإعلام، والأستاذ الفاضل خليل إبراهيم الذوادي الذي دعمني في كل خطواتي، والدكتورة الرائعة هالة أحمد العمران على وقوفها معي في كل المشاريع السينمائي والمسرحية التي عرضتها عليها وساعدتني على إنجازها، وسعادة الأستاذ محمد المطوع وزير شئون مجلس الوزراء الذي لم يدخر جهدا في دعمي والوقوف معي في كل الفاعليات السينمائية التي عملتها البحرين من مهرجانات سينمائية وشركات إنتاج، ومعالي الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة الذي أصر على مواصلتي البحث والدراسة في السينما

وهناك طبعا من وقفوا معي في كل أعمالي التلفزيونية والسينمائية مثل حسن عبدالكريم وعبدالنبي فردان وعبدالرحمن الملا وحسن الجيب ويوسف مال الله وفيصل حسين في التصوير ومحمد عبدالخالق وفتحي مطر في الإنتاج ويونس الكوهجي وحسن فزيع وراشد المقلة وفريد حسين والمرحوم عبدالكريم محفوظ في هندسة الصوت ومحمد بهلول وعايض الكعبي وجمال الأحمد ونبيل راشد في المونتاج وعبدالله جميل والمرحوم عامر العامر في الإضاءة وسليمة جمشير ونوال عبدالصالح وجمال المطوع وراشد عبدالرحمن وعبدالعزيز عبدالحميد في الديكور والفنان عبدالعزيز مندي وليلى مراد في المكياج وراشد العطاوي في الكهرباء والفنان يوسف القصير في المؤثرات المرئية والفنانين عبدالله ملك وإبراهيم خلفان وحسن عبدالرحيم ومريم زيمان وماجدة سلطان ومحمد عواد عبدالرحمن بركات ولطيفة المجرن وزينب العسكري وأنور أحمد وإبراهيم الغانم وخليفة العريفي وسامي القوز وقحطان القحطاني والمرحوم حميد مراد ويوسف بوهلول وعلي الغرير وجمعان الرويعي وعبدالله وليد ومصطفى رشيد وأحمد مبارك وعادل شمس والمرحوم محمد البهدهي وحسن الواوي وهاني الدلال وحسين الرفاعي وخالد الرويعي ومحمد الصفار وجمال الصقر والكثر من الفنانين الذين أمنوا بي ووقفوا معي

وكذلك لا أستطيع أن أنسى الشعراء قاسم حداد وعلي الشرقاوي والدكتور علوي الهاشمي وكتاب السيناريو أمين صالح وحمد الشهابي وفريد رمضان وإبراهيم بشمي ومحمد عبدالملك وعبدالمنعم إبراهيم والمرحوم خالد البسام  والمرحوم عبدالله خليفة والكاتب والصحفي عقيل سوار والصحفي الكبير المرحوم علي سيار والشاعر أشرف عامر والصحفي محمد فاضل والصحفي أحمد عبدالرحمن والصحفي أسامة الماجد وفناني الكاركتير خالد الهاشمي وطارق البحار والفنان خالد الشيخ والدكتور عبدالله يتيم والمنتجين علي العرادي وأسامة آل سيف والأستاذ أكرم مكناس والأستاذ خميس المقلة والأستاذين حافظ وفؤاد المطوع، وغسان الشهابي والمرحوم محمد البنكي وفوزية رشيد

ومن الخارج المرحومون محمد خان وعاطف الطيب ورضوان الكاشف وسمير فريد، والنقاد المرحوم علي أبوشادي وكمال رمزي وطارق الشناوي والموسيقار هاني شنوده والمونتير يوسف الملاخ والمخرج عادل عوض، والروائي الأردني إبراهيم نصر الله والناقد الأردني عدنان مدانات والفنان المرحوم نور الشريف والفنان المرحوم محمود عبدالعزيز والفنانة ليلى علوي والفنانة يسرا والمخرجة إيناس الدغيدي، والمخرج الأمريكي سبايك لي والمنتجة الأمريكية كاثرين كندي

وطبعا وزارة الإعلام بكل من فيها حيث شغلت خلال ال 35 سنة الماضية وظيفة مخرج ثم مخرج أول ورئيس للجنة الدراما والنصوص والأفلام التسجيلية ومشرف الدراسات والبحوث في هئية الإذاعة والتلفزيون ومستشار إعلامي لبنك الإنماء وأخيرا القائم بأعمال مدير عام الإذاعة والتلفزيون حتى عام 2015 حيث تقاعدت من الحكومة والعمل الوظيفي وتفرغت للإنتاج والأخراج السينمائي.

بصراحة كل هؤلاء أدين لهم بكل ما أنجزت في مجال الإعلام والأدب والتلفزيون والسينما

وشكرا على حضوركم وأستماعكم لي

بسام الذوادي

24 ديسمبر 2017